أتسلل إلى غرفته باحثا عن دفتر مذكراته الذي رفض أن يسلمه إلي كي أقرأه، ربما قد يروقني وأصبح من أشد
معجبي تلك الأوراق المتناثرة في كل مكان والغبار يغطي أهم الحروف والكلمات فيها، المداد يكسو الأسطر ويحجب
رؤية الجمل بشكل واضح حتى يكون المضمون مفهوما، هذا ما كان يقوله لي كي يبعدني عن مذكراته التي أصبحت
من الكارهين لها، رغم أنني لم أقرأها لأنه لم يرغب في ذلك، ولست الوحيد الذي رفض تسليمه الكتاب، بل عشرات
من الأصدقاء الذين عانوا حرقة تناول ذلك الكتاب بين أيديهم وتصفح أوراقه الذي أكلت منها المتعضيات المجهرية
كلنا في شوق وفي عجلة لقراءة تلك المذكرات، لا أجد يعرف محتواها ولا أحد يعرف مستوى براعة الكاتب الذي أخدته
العزلة والوحدة بعيدا بعد أن كان من أشد الأصدقاء اختلاطا بالناس، مشاكل سرية وشخصية تدفع الى الرحيل وحمل
مذكراته بعيدا نحو اللامكان، تاركا دراسته الجامعية والوظيفة التي تنتظره لينطلق في مغامرة حزينة ومعه قلم الحبر
الذهبي الذي أهداه له أباه قبل أن يفارق الحياة، ظن صديقنا أن تلك كانت وصية الأب الاخيرة، فأخد بها وطبقها بكل
حذافيرها وتفاصيلها التي صنعها بنفسه لا تطبيقا لما قاله أبوه الثري، غموض في غموض ينتاب الجميع حول مستقبل
الشاب الحزين الذي ضحى بكل شيء وضحى بالمال ثم انطلق في رحلة لبناء حياة جديدة سعيا وراء السعادة والبساطة
في آن واحد، هذا هو موضوع كتابه، وأدركنا حقا أنه كاتب بارع رغم أننا لسنا من ذوي الاختصاص إلى أنه يبقى مجرد
رأي، صديقنا نجح في حياته الأخرى التي سطرها بنفسه..
No comments:
Post a Comment